محو الأمية القرآنية: جهد للقضاء على التعصب في الفضاء الرقمي
يواجه التسامح، تلك القيمة النبيلة التي هي أساس الوئام الوطني، تحديات خطيرة في ظل التدفق السريع للتحديث الإعلامي. فالفضاء الرقمي، الذي ينبغي أن يكون منتدى لتبادل المعلومات والأفكار الإيجابية، غالبًا ما يمتلئ بخطاب الكراهية والتمييز والأيديولوجيات المتطرفة التي تهدد الوحدة. وفي خضم هذه الدوامة المعلوماتية الخارجة عن السيطرة، فإن جيل الشباب هم الفئة الأكثر عرضة للتعصب والتطرف.
يتمتع الطلاب، باعتبارهم جزءًا من جيل الشباب الذين لهم دور مهم في الحفاظ على القيم الدينية والوطنية، بإمكانيات كبيرة ليصبحوا عوامل تغيير في مكافحة التعصب. ولكن، فهم ليسوا بمنأى عن خطر التعرض للمعلومات المضللة والاستفزازية على وسائل التواصل الاجتماعي. لذلك، فإن محو الأمية والمهارات الإعلامية أمر بالغ الأهمية بالنسبة لهم.
ولا تقتصر معرفة القراءة والكتابة في هذا السياق على القدرة على القراءة والكتابة فقط، بل تشمل أيضًا القدرة على فهم وتحليل وتقييم المعلومات الواردة. أما المهارات الإعلامية، من ناحية أخرى، فتشمل القدرة على استخدام وسائل الإعلام بحكمة ومسؤولية، بالإضافة إلى القدرة على التمييز بين المعلومات الصحيحة والكاذبة. وتعمل هاتان المهارتان كدرع واقٍ للطلاب في مواجهة التدفق السريع والمضلل للمعلومات في كثير من الأحيان.
وقد أبرزت دراسات سابقة، مثل تلك التي أجراها يونانتو، ت. د. في عام 2022 وبونو سيتيو، و. أ. في عام 2020، أهمية مهارات محو الأمية الرقمية في مواجهة حالات التعصب. تربط هاتان الدراستان بين وجود وسائل التواصل الاجتماعي وتحدياتها في الفضاء الرقمي والجهود المبذولة لدرء التعصب من خلال محو الأمية الرقمية. تتشابه هذه الورقة البحثية مع الدراسات السابقة التي تسلط الضوء على أهمية محو الأمية الرقمية في مواجهة تحديات التعصب في العصر الرقمي.
ومع ذلك، فإن هذه الورقة البحثية لها اختلافات كبيرة مع الدراسات السابقة. تسعى هذه الورقة البحثية البسيطة إلى استكشاف أعمق لكيفية الجمع بين الجهود المبذولة لمواجهة مشكلة التعصب بين المحاصريين وحلول محو الأمية المستمدة من القرآن الكريم. فالقرآن، باعتباره الكتاب المقدس للمسلمين، يحتوي على قيم التسامح والسلام والحكمة التي يمكن أن تكون مرشدًا للطلاب في مواجهة تحديات التعصب في العصر الرقمي.
تمثل مشكلة التعصب مشكلة كبيرة في العالم الرقمي تهدد الوئام والوحدة الوطنية. فالطلاب كجيل شاب يتمتع بفهم عميق للدين لديهم إمكانات كبيرة ليصبحوا عوامل تغيير في مكافحة التعصب. ومع ذلك، ولتحقيق هذه الإمكانات، يجب أن يكونوا مزودين بمهارات القراءة والكتابة المناسبة، سواءً محو الأمية الرقمية أو محو الأمية القرآنية.
توصي هذه الورقة البحثية ببعض أنشطة محو الأمية التي يمكن القيام بها لتحسين مهارات القراءة والكتابة لدى الطلاب، بما في ذلك: التعليم والتدريب على محو الأمية الرقمية. يهدف هذا النشاط إلى تحسين فهم الطلاب ومهاراتهم في استخدام الوسائط الرقمية بحكمة ومسؤولية. علاوة على ذلك، المناقشات والدراسات القرآنية. يهدف هذا النشاط إلى استكشاف قيم التسامح والسلام الواردة في القرآن، واستكشاف كيفية تطبيق هذه القيم في الحياة اليومية.
من خلال تزويد الطلاب بمهارات القراءة والكتابة المناسبة، من المأمول أن يصبحوا عوامل تغيير فعالة في مكافحة التعصب في المجال الرقمي. سوى ذلك، من المأمول أيضاً أن تسهم هذه الورقة البحثية إسهاماً كبيراً في الجهود الرامية إلى بناء مجتمع أكثر تسامحاً وانسجاماً.
الكاتب: حلية ميلف فاءزة/أفريزال عبد الحافظ
مصدر الصورة: Gurusiana