عُطْلَةٌ مُثْمِرَةٌ: اِسْتِغْلَالُ الوَقْتِ لِلْبَقَاءِ مُنْتِجًا
عُطْلَةٌ مُثْمِرَةٌ: اِسْتِغْلَالُ الوَقْتِ لِلْبَقَاءِ مُنْتِجًا

تُعْتَبَرُ العُطْلَةُ فِي الغَالِبِ وَقْتًا لِلِاسْتِرْخَاءِ وَالتَّخَلُّصِ مِنَ الرُّوتِينِ اليَوْمِيِّ. وَمَعَ ذَلِكَ، يَشْعُرُ الكَثِيرُونَ أَنَّ عُطْلَتَهُمْ تَفْتَقِرُ إِلَى المَعْنَى أَوْ تَجْعَلُهُمْ أَقَلَّ إِنْتَاجِيَّةً عِنْدَ العَوْدَةِ إِلَى العَمَلِ. وَوَفْقًا لِبَيَانَاتِ هَيْئَةِ الإِحْصَاءِ المَرْكَزِيَّةِ (BPS)، شَهِدَتْ إِنْتَاجِيَّةُ العُمَّالِ فِي إِنْدُونِيسْيَا تَقَلُّبَاتٍ بَيْنَ عَامَي ٢٠٠٠ وَ٢٠٢٢. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنَ ارْتِفَاعِهَا التَّدْرِيجِيِّ، لَا تَزَالُ إِنْدُونِيسْيَا مُتَأَخِّرَةً مُقَارَنَةً بِالدُّوَلِ المُجَاوِرَةِ مِثْلَ تَايلَنْدَ وَمَالِيزِيَا وَسِنْغَافُورَةَ. لِذَلِكَ، يَجِبُ أَنْ تَكُونَ العُطْلَةُ فُرْصَةً لِإِعَادَةِ شَحْنِ الطَّاقَةِ، جَسَدِيًّا وَعَقْلِيًّا. سَتُنَاقِشُ هَذِهِ المَقَالَةُ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ العُطْلَةُ وَقْتًا هَادِفًا لِلْبَقَاءِ مُنْتِجًا دُونَ التَّضْحِيَةِ بِلَحَظَاتِ الِاسْتِرْخَاءِ

العُطْلَةُ المُثْمِرَةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ الذِّهَابِ إِلَى وِجْهَاتٍ سِيَاحِيَّةٍ أَوِ البَقَاءِ فِي المَنْزِلِ. بَلْ هِيَ وَقْتٌ يُسْتَغَلُّ لِإِعَادَةِ شَحْنِ الطَّاقَةِ، جَسَدِيًّا وَعَقْلِيًّا، مَعَ الِاسْتِمْرَارِ فِي القِيَامِ بِأَنْشِطَةٍ مُفِيدَةٍ. وَفْقًا لِلتَّعَالِيمِ الإِسْلَامِيَّةِ، يُعَدُّ الفَرَاغُ أَحَدَ أَسْبَابِ تَرَاجُعِ جَوْدَةِ حَيَاةِ الفَرْدِ. وَكَمَا يَقُولُ المَثَلُ العَرَبِيُّ: "إِنَّ الشَّبَابَ وَالفَرَاغَ وَالِجِدَّةَ مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَةٍ".

لِلْعُطْلَةِ المُثْمِرَةِ فَوَائِدُ عَدِيدَةٌ، خَاصَّةً لِلصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ وَالجَسَدِيَّةِ. أَوَّلًا، يُمْكِنُ أَنْ تُقَلِّلَ العُطْلَةُ مِنَ التَّوَتُّرِ وَتَزِيدَ مِنْ طَاقَةِ الجِسْمِ. فَمِنْ خِلَالِ تَخْصِيصِ وَقْتٍ لِلِاسْتِرْخَاءِ، يُمْكِنُنَا العَوْدَةُ إِلَى الرُّوتِينِ بِعَقْلٍ أَكْثَرَ صَفَاءً وَجَسَدٍ أَكْثَرَ نَشَاطًا. ثَانِيًا، تُعْطِي العُطْلَةُ فُرْصَةً لِلتَّأَمُّلِ الذَّاتِيِّ وَالتَّخْطِيطِ لِلْمُسْتَقْبَلِ. يَشْعُرُ الكَثِيرُ مِنَ الأَشْخَاصِ بِمَزِيدٍ مِنَ الإِبْدَاعِ وَالتَّحْفِيزِ بَعْدَ العُطْلَةِ لِأَنَّهُمْ يَحْصُلُونَ عَلَى مَنْظُورٍ جَدِيدٍ لِلْحَيَاةِ وَالعَمَلِ. ثَالِثًا، يُمْكِنُ لِلْعُطْلَةِ المُثْمِرَةِ أَنْ تُعَزِّزَ العَلَاقَاتِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، خَاصَّةً إِذَا تَمَّ قَضَاؤُهَا مَعَ العَائِلَةِ أَوِ الأَصْدِقَاءِ المُقَرَّبِينَ.
لِجَعْلِ العُطْلَةِ مُنْتِجَةً، مِنَ المُهِمِّ وَضْعُ خُطَّةٍ مُتَوَازِنَةٍ. أَوَّلًا، خَصِّصْ وَقْتًا لِلِاسْتِرْخَاءِ مَعَ الِانْخِرَاطِ فِي أَنْشِطَةٍ مُفِيدَةٍ مِثْلَ قِرَاءَةِ الكُتُبِ أَوِ المُشَارَكَةِ فِي دَوْرَاتٍ تَعْلِيمِيَّةٍ قَصِيرَةٍ. ثَانِيًا، حَدِّدْ أَهْدَافًا صَغِيرَةً تُرِيدُ تَحْقِيقَهَا خِلَالَ العُطْلَةِ، مِثْلَ إِنْهَاءِ كِتَابٍ أَوْ تَعَلُّمِ مَهَارَةٍ جَدِيدَةٍ. لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الأَهْدَافُ مُرْهِقَةً، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ كَافِيَةً لِتَمْنَحَكَ شُعُورًا بِالإِنْجَازِ.

العُطْلَةُ المُثْمِرَةُ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ الِاسْتِرْخَاءِ، بَلْ هِيَ اسْتِغْلَالُ الوَقْتِ لِلْقِيَامِ بِأَنْشِطَةٍ مُفِيدَةٍ. مِنْ خِلَالِ التَّخْطِيطِ لِعُطْلَةٍ مُتَوَازِنَةٍ، يُمْكِنُنَا العَوْدَةُ إِلَى الرُّوتِينِ بِطَاقَةٍ أَكْبَرَ وَدَافِعٍ أَقْوَى. العُطْلَةُ هِيَ فُرْصَةٌ لِإِعَادَةِ شَحْنِ الطَّاقَةِ، وَالتَّأَمُّلِ الذَّاتِيِّ، وَالِانْخِرَاطِ فِي أَنْشِطَةٍ تُعَزِّزُ الإِبْدَاعَ. نَأْمُلُ أَنْ تُلْهِمَكَ هَذِهِ المَقَالَةُ لِجَعْلِ عُطْلَتِكَ لَحْظَةً ذَاتَ مَعْنًى وَإِنْتَاجِيَّةً. عُطْلَةٌ سَعِيدَةٌ!.

المؤالف: محمد سيوطي الكوثر

Shuttershock ورة:  مصدر