إِحْيَاءُ ذِكْرَى الأُسْتَاذ الدُّكْتُور دِين مَجِيد: الأُسْتَاذ الكَبِير فِي التَّارِيخِ بِكُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ فِي جَامِعَةِ شَرِيفِ هِدَايَةَ اللَّهِ الإِسْلَامِيَّةِ فِي جَاكَرْتَا
تَنْجَرَانْغ الجَنُوبِيَّة، أَخْبَارُ كُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ (FAH) –إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَقَدَت السَّاحَةُ الأَكَادِيمِيَّةُ وَالعِلْمِيَّةُ فِي إِنْدُونِيسِيَا الأُسْتَاذَ الدُّكْتُور مُحَمَّد دِين مَجِيد، الأُسْتَاذَ الكَبِيرَ فِي التَّارِيخِ بِكُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ فِي جَامِعَةِ شَرِيفِ هِدَايَةَ اللَّهِ الإِسْلَامِيَّةِ بِجَاكَرْتَا. وَافَتْهُ المَنِيَّةُ فِي صَبَاحِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ (24 مَارِس 2025) عَنْ عُمْرٍ يُنَاهِزُ 76 عَامًا فِي بَامُولَنْغ، تَنْجَرَانْغ الجَنُوبِيَّةِ. وُلِدَ فِي تَاكِنْغُون، آتْشِهْ الوُسْطَى، وَأَمْضَى جُلَّ حَيَاتِهِ فِي التَّدْرِيسِ وَالبَحْثِ فِي مَجَالِ التَّارِيخِ بِكُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ فِي جَامِعَةِ شَرِيفِ هِدَايَةَ اللَّهِ.
وَقَدْ أَعْلَنَ عَنْ هَذَا الخَبَرِ المُحْزِنِ عَمِيدُ كُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ، الأُسْتَاذُ الدُّكْتُور عَدِي عَبْدُ الحَقِّ، وَقَالَ فِي بَيَانِهِ: "إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، بِأَسْمَى مَعَانِي الحُزْنِ نَنْعَى فَقْدَ الأُسْتَاذِ الدُّكْتُور مُحَمَّد دِين مَجِيد، الأُسْتَاذِ بِبَرْنَامَجِ التَّخَصُّصِ فِي التَّارِيخِ وَالحَضَارَةِ الإِسْلَامِيَّةِ. نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَتَغَمَّدَهُ بِوَاسِعِ رَحْمَتِهِ وَأَنْ يَكْتُبَ لَهُ أَفْضَلَ المَنَازِلِ عِنْدَهُ."
وَبِحَسَبِ مَا وَرَدَ فِي أَخْبَارِ جَامِعَةِ شَرِيفِ هِدَايَةَ اللَّهِ الإِسْلَامِيَّةِ الإِلِكْتْرُونِيَّةِ، فَبَعْدَ أَنْ أُدِّيَتْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الجَنَازَةِ، نُقِلَ جُثْمَانُ الفَقِيدِ مُبَاشَرَةً إِلَى مَقْبَرَةِ الجَامِعَةِ بِشَارِعِ سِمَانْغِي الثَّانِي، سِيبُوتَات، تَنْجَرَانْغ الجَنُوبِيَّةِ. وَقَدْ كَانَ فِي مُوَاكَبَةِ الجَنَازَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا سَعَادَةُ رَئِيسِ الجَامِعَةِ، الأُسْتَاذُ الدُّكْتُور آسِب صَعِيد جَاهَر، إِلَى جَانِبِ أَسْرَةِ الفَقِيدِ وَأَصْدِقَائِهِ وَزُمَلَائِهِ، وَقَدْ أَعْرَبَ فِي كَلِمَتِهِ عَنْ حُزْنِهِ العَمِيقِ عَلَى فِقْدَانِ هَذَا العَالِمِ الجَلِيلِ، سَائِلًا اللَّهَ أَنْ يَتَقَبَّلَ أَعْمَالَهُ وَيَجْزِيَهُ خَيْرَ الجَزَاءِ.
كَانَ الأُسْتَاذُ الدُّكْتُور دِين مَجِيد نَمُوذَجًا لِلأَكَادِيمِيِّ المُجْتَهِدِ فِي طَلَبِ العِلْمِ. وُلِدَ فِي يَوْمِ 6 يُولْيُو 1949 فِي تَاكِنْغُون، آتْشِهْ الوُسْطَى، وَأَكْمَلَ تَعْلِيمَهُ العَالِيَ فِي جَامِعَةِ شَرِيفِ هِدَايَةَ اللَّهِ الإِسْلَامِيَّةِ بِجَاكَرْتَا. فِي عَامِ 2002، دَافَعَ بِنَجَاحٍ عَنْ أُطْرُوحَتِهِ لِنَيْلِ الدُّكْتُورَاهُ تَحْتَ عُنْوَانِ "نَقْلُ الحُجَّاجِ فِي العَهْدِ الكُولُونِيَالِيِّ أَوَاخِرَ القَرْنِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَبِدَايَةَ القَرْنِ العِشْرِينَ"، وَالتِي نُشِرَت فِي صُورَةِ كِتَابٍ بِعُنْوَانِ "أَدَاءُ الحَجِّ فِي العَهْدِ الكُولُونِيَالِي" فِي عَامِ 2004.
مُنْذُ شَبَابِهِ وَحَتَّى شَيْخُوخَتِهِ، كَانَ مُوَاظِبًا عَلَى تَأْلِيفِ الكُتُبِ وَالمَقَالاتِ العِلْمِيَّةِ الَّتِي نُشِرَت فِي العَدِيدِ مِنَ الدَّوَاوِينِ العِلْمِيَّةِ. وَمِنْ بَيْنِ أَهَمِّ مُؤَلَّفَاتِهِ كِتَابَانِ فِي تَارِيخِ الإِسْلَامِ وَالمُجْتَمَعِ فِي مِنْطَقَةِ جَايُو: "تَارِيخُ بَدَايَةِ الإِسْلَامِ فِي جَايُو خِلَالَ القُرُونِ الحَادِي عَشَرَ إِلَى الرَّابِعَ عَشَرَ"، وَ"التَّارِيخُ الاجْتِمَاعِيُّ فِي جَايُو خِلَالَ القُرُونِ الرَّابِعَ عَشَرَ إِلَى السَّابِعَ عَشَرَ"، اللَّذَانِ أَصْدَرَتْهُمَا دَارُ "مَهَارَا بَبْلِيشِنْج" فِي عَامِ 2020.
إِلَى جَانِبِ هَذِهِ المُؤَلَّفَاتِ الَّتِي أَثْرَتِ المَصَادِرَ التَّارِيخِيَّةَ حَوْلَ جَايُو، كَتَبَ أَيْضًا كُتُبًا تُعْتَبَرُ مَرَاجِعَ أَسَاسِيَّةً لِطُلَّابِ التَّارِيخِ وَالحَضَارَةِ الإِسْلَامِيَّةِ فِي جَامِعَةِ شَرِيفِ هِدَايَةَ اللَّهِ، وَمِنْهَا: "عِلْمُ التَّارِيخِ: مُقَدِّمَةٌ"، وَ"مَنْهَجُ التَّارِيخِ: نَظَرِيَّةٌ وَتَطْبِيقٌ".
لَمْ يَقِفْ طُمُوحُهُ العِلْمِيُّ عِنْدَ هَذَا الحَدِّ، فَفِي عَامِ 1990 وَاصَلَ دِرَاسَتَهُ فِي جَامِعَةِ لاَيْدِن بِهُولَنْدَا مُتَخَصِّصًا فِي الدِّرَاسَاتِ الإِسْلَامِيَّةِ وَاللُّغَةِ الهُولَنْدِيَّةِ. كَمَا شَارَكَ فِي مُؤْتَمَرَاتٍ عِلْمِيَّةٍ فِي فَرَنْسَا، وَدَرَسَ اللُّغَةَ الإِنْجْلِيزِيَّةَ فِي مَدْرَسَةِ الدِّرَاسَاتِ الشَّرْقِيَّةِ وَالأَفْرِيقِيَّةِ (SOAS) فِي إِنْجْلِتِرَا، وَتَعَمَّقَ فِي الدِّرَاسَاتِ فِي مِصْرَ. هَذِهِ الرِّحْلَةُ العِلْمِيَّةُ وَالبَحْثِيَّةُ جَعَلَتْ مِنْهُ مُؤَرِّخًا ذَا أُفُقٍ وَاسِعٍ وَرُؤْيَةٍ عَالَمِيَّةٍ فِي دِرَاسَةِ التَّارِيخِ الإِسْلَامِيِّ.
ذَكَرَ الدُّكْتُور جُوهَان وَحْيُودِي، الحَاصِلُ عَلَى مَاجِسْتِيرٍ فِي العُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ (M.Hum.)، وَهُوَ أَحَدُ الأُسَاتِذَةِ الَّذِينَ صَحِبُوا الأُسْتَاذَ الدُّكْتُور دِين مَجِيد مُنْذُ أَيَّامِ دِرَاسَتِهِ كَطَالِبٍ إِلَى أَنْ أَصْبَحَ مُسَاعِدًا لَهُ فِي التَّدْرِيسِ، أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا مُنْضَبِطًا وَذَا نَزَاهَةٍ وَإِخْلَاصٍ. وَقَالَ: "كَانَ الأُسْتَاذُ دِين يُرَسِّخُ فِي نُفُوسِ طُلَّابِهِ أَهَمِّيَّةَ النِّظَامِ وَالِانْضِبَاطِ، وَحَتَّى فِي مَظْهَرِ الإِنْسَانِ وَأَنَاقَتِهِ. كَانَ لَهُ شِعَارٌ دَائِمًا يُرَدِّدُهُ: ‘احْتَرِمْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ يُحْتَرَمَ مِنْ قِبَلِ الآخَرِينَ.’ فَهُوَ يُؤْمِنُ بِأَنَّ تَأْثِيرَ الإِنْسَانِ فِي أَنْظَارِ الآخَرِينَ يَبْدَأُ مِنْ مَظْهَرِهِ وَطَرِيقَةِ لِبَاسِهِ."
فِي البِيئَةِ الأَكَادِيمِيَّةِ، عُرِفَ الأُسْتَاذُ دِين بِأَنَّهُ شَخْصٌ مُلْتَزِمٌ وَمُنَظَّمٌ فِي حُضُورِهِ، إِذْ كَانَ يَحْضُرُ جَمِيعَ الِاجْتِمَاعَاتِ وَالمُنَاقَشَاتِ العِلْمِيَّةِ فِي وَقْتٍ مُبَكِّرٍ، وَحَتَّى فِي شَيْخُوخَتِهِ لَمْ يَتَخَلَّ عَنْ طَرْحِ أَفْكَارِهِ وَمُشَارَكَتِهِ فِي الحِوَارَاتِ العِلْمِيَّةِ. وَأَضَافَ الدُّكْتُور جُوهَان: "فِي نَظَرِ طُلَّابِهِ، كَانَ الأُسْتَاذُ دِين يُطَبِّقُ مَبْدَأً مُتَمَيِّزًا: ‘فِي القَاعَةِ الدِّرَاسِيَّةِ أَنْتَ طَالِبِي، وَلَكِنْ خَارِجَهَا نَحْنُ أَصْدِقَاءٌ.’ وَقَدْ كَانَ لِهَذَا النَّهْجِ دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي جَعْلِ الطُّلَّابِ أَكْثَرَ رَاحَةً وَحِرْصًا عَلَى التَّعَلُّمِ مَعَهُ."
عَلَى مَدَى أَكْثَرَ مِنْ عَقْدٍ (2011-2025)، أَقَرَّ الدُّكْتُور جُوهَان بِأَنَّهُ تَعَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الأُسْتَاذِ دِين، خَاصَّةً فِي مَجَالِ تَطْبِيقِ ثُلَاثِيَّةِ دِرَاسَةِ الجَامِعَةِ (تَرْبِيَةٌ، بَحْثٌ، خِدْمَةٌ)، وَخُصُوصًا فِي مَجَالِ التَّدْرِيسِ وَالبَحْثِ العِلْمِيِّ. وَاخْتَتَمَ قَائِلًا: "كَانَ لِلأُسْتَاذِ دِين أَثَرٌ عَظِيمٌ فِي مَسِيرَتِي المِهْنِيَّةِ وَفِي حَيَاتِي الشَّخْصِيَّةِ."
كَتَعْبِيرٍ عَنْ التَّقْدِيرِ وَالِاحْتِرَامِ، نَظَّمَتْ كُلِّيَّةُ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ (FAH) فِي جَامِعَةِ شَرِيفِ هِدَايَةَ اللَّهِ الإِسْلَامِيَّةِ بِجَاكَرْتَا، مَجْلِسَ تَهْلِيلٍ دِعَائِيٍّ عَنْ بُعْدٍ لِلتَّرَحُّمِ عَلَى الأُسْتَاذِ الدُّكْتُور مُحَمَّد دِين مَجِيد، وَذَلِكَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ (25/03/2025) فِي السَّاعَةِ 15:30 وَقْتَ إِنْدُونِيسْيَا الغَرْبِيِّ. وَقَدْ تَوَلَّى إِدَارَةَ المَجْلِسِ كُلٌّ مِنَ الدُّكْتُور جُوهَان وَحْيُودِي وَالأُسْتَاذ زَكِي مُبَارَك، مَاجِسْتِير فِي العُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ (M.Hum.)، وَشَمِلَ البَرْنَامَجُ قِرَاءَةَ اليَاسِينَ وَالدُّعَاءِ لِلرَّاحِلِ.
فِي هَذِهِ المُنَاسَبَةِ، أَلْقَتِ الأُسْرَةُ كَلِمَةً أَلْقَاهَا نِيَابَةً السَّيِّدُ أَحْمَد فَائِرُوز، نَجْلُ الفَقِيدِ، حَيْثُ قَالَ: "نَأْمُلُ أَنْ يَنَالَ جَمِيعُ الحَاضِرِينَ فِي هَذَا المَجْلِسِ البَرَكَةَ وَالخَيْرَ، وَنَلْتَمِسُ مِنْكُمْ العُذْرَ وَالعَفْوَ إِنْ صَدَرَ مِنْ وَالِدِنَا أَيُّ خَطَأٍ أَوْ زَلَّةٍ." كَمَا أَعْرَبَ عَنْ رَغْبَةِ العَائِلَةِ فِي إِتَاحَةِ مَجْمُوعَةِ الكُتُبِ العِلْمِيَّةِ الَّتِي خَلَّفَهَا الأُسْتَاذُ دِين لِلْمُنْتَفِعِينَ، فَقَالَ: "بَدَلًا مِنْ أَنْ تَبْلَى بِمُرُورِ الزَّمَنِ، مِنَ الأَفْضَلِ أَنْ تُفِيدَ الأُمَّةَ العِلْمِيَّةَ. نَتَمَنَّى أَنْ تُخَصِّصَ كُلِّيَّةُ الآدَابِ مَكَانًا مُنَاسِبًا لِحِفْظِ وَإِدَارَةِ هَذِهِ الكُتُبِ، حَتَّى تَكُونَ صَدَقَةً جَارِيَةً لِرُوحِهِ."
شَهِدَ الحَدَثَ جَمْعٌ مِنْ أَسَاتِذَةِ كُلِّيَّةِ الآدَابِ وَالعُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَتَحَدَّثُوا عَنْ خِصَالِ الفَقِيدِ وَذِكْرَيَاتِهِمْ مَعَهُ. صَرَّحَ الدُّكْتُور عَدِي عَبْدُ الحَقِّ، الحَاصِلُ عَلَى لَقَبِ مَاجِسْتِيرٍ وَدُكْتُورَاهُ فِي العُلُومِ الإِنْسَانِيَّةِ، بِأَنَّ الأُسْتَاذَ دِين كَانَ مِنَ الأُسَاتِذَةِ المُخَضْرَمِينَ الَّذِينَ وَاصَلُوا التَّدْرِيسَ حَتَّى بَعْدَ بُلُوغِهِمْ سِنَّ التَّقَاعُدِ. وَقَالَ الأُسْتَاذُ م. سُوبَرْتَا عَنْهُ: "كَانَ شَخْصًا كُفُؤًا فِي مَجَالِهِ، وَذَا طَبْعٍ سَهْلٍ فِي التَّعَامُلِ. لَهُ صُحْبَةٌ كَثِيرَةٌ، سَوَاءٌ دَاخِلَ الجَامِعَةِ أَوْ خَارِجَهَا. نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ حُسْنَ الخَاتِمَةِ، وَيَغْفِرَ ذُنُوبَهُ، وَيَجْزِيَهُ عَنْ عِلْمِهِ خَيْرَ الجَزَاءِ."
أَمَّا عَلَى الصَّعِيدِ الأَكَادِيمِيِّ، فَقَدْ عُرِفَ الأُسْتَاذُ دِين بِتَفَانِيهِ فِي تَدْرِيسِ العُلُومِ وَالبُحُوثِ. أَكَّدَ الدُّكْتُور عَبْدُ الخَيْر أَنَّ الفَقِيدَ لَعِبَ دَوْرًا مِحْوَرِيًّا فِي تَعْرِيفِ بَرْنَامَجِ تَخَصُّصِ التَّارِيخِ وَالحَضَارَةِ الإِسْلَامِيَّةِ عَلَى نِطَاقٍ أَكْبَرَ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ مُشَارَكَتِهِ فِي المُؤْتَمَرَاتِ التَّارِيخِيَّةِ وَالنَّدَوَاتِ العِلْمِيَّةِ. وَقَالَ: "عَرَفْتُهُ مُنْذُ عَامِ 1974، وَكَانَ إِنْسَانًا وَدُودًا لَا يَضِنُّ بِعِلْمِهِ عَلَى الطُّلَّابِ وَالزُّمَلَاءِ."
**وَمِنْ جِهَتِهَا، أَشَادَتْ الأُسْتَاذَةُ الدُّكْتُورَةُ أَمِلِيَا فَوْزِيَة، وَهِيَ إِحْدَى طَالِبَاتِهِ السَّابِقَاتِ الَّتِي أَصْبَحَتْ فِيمَا بَعْدُ زَمِيلَةً لَهُ فِي التَّدْرِيسِ، بِإِخْلَاصِهِ فِي تَوْجِيهِ الطُّلَّابِ وَمُسَاعَدَتِهِمْ فِي إِتْقَانِ الكِتَابَةِ العِلْمِيَّةِ، وَقَالَتْ: "كَانَ يُرَاعِي الطُّلَّابَ، وَيَبْذُلُ كُلَّ جُهْدٍ فِي تَفْهِيمِهِمْ وَتَذْلِيلِ الصُّعُوبَاتِ الَّتِي تُوَاجِهُهُمْ. إِنَّ التِزَامَهُ بِالعِلْمِ كَانَ اسْتِثْنَائِيًّا."
**وَفِي السِّيَاقِ نَفْسِهِ، أَكَّدَ الأُسْتَاذُ الدُّكْتُور سُكْرُون كَامِل أَنَّ الأُسْتَاذَ دِين كَانَ مِنْ أَكْثَرِ الأُسَاتِذَةِ الَّذِينَ كَتَبُوا فِي التَّارِيخِ، خُصُوصًا فِي مَوْضُوعِ الحَجِّ فِي العَهْدِ الهِنْدِيِّ الهُولَنْدِيِّ، وَأَضَافَ: "حَتَّى وَهُوَ فِي المَرَضِ، لَمْ يَتَخَلَّ عَنْ المُشَارَكَةِ فِي اللِّجَانِ العِلْمِيَّةِ وَتَقْيِيمِ الأَبْحَاثِ. فِي نَظَرِهِ، الكِتَابَةُ لَيْسَتْ لِجَنْيِ الأَرْبَاحِ، بَلْ هِيَ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ."
بِالإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، أَجْمَعَ الأُسْتَاذُ الدُّكْتُور وَاحِد حَاشِم وَالدُّكْتُور جُوهَان وَحْيُودِي عَلَى أَنَّ الأُسْتَاذَ دِين كَانَ رَجُلًا مُتَفَانِيًا فِي العَالَمِ الأَكَادِيمِيِّ، وَخَاصَّةً فِي مَجَالِ البَحْثِ وَالتَّدْرِيسِ. مِنْ جِهَتِهَا، تَذْكُرُ الدُّكْتُورَةُ أَوَالِيَا رَحْمَة، الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ فِي مَكْتَبٍ مُجَاوِرٍ لَهُ، أَنَّهُ كَانَ شَخْصًا جَادًّا فِي مُنَاقَشَةِ القَضَايَا التَّارِيخِيَّةِ، وَفِي الوَقْتِ نَفْسِهِ يَتَمَتَّعُ بِحِسٍّ فُكَاهِيٍّ يُضْفِي جَوًّا مُرِيحًا فِي المُحَادَثَاتِ.
رَحِيلُ الأُسْتَاذِ الدُّكْتُور مُحَمَّد دِين مَجِيد خَلَّفَ حُزْنًا عَمِيقًا فِي قُلُوبِ أُسْرَتِهِ وَزُمَلَائِهِ وَطُلَّابِهِ الَّذِينَ نَهَلُوا مِنْ عِلْمِهِ. وَلَكِنَّ إِرْثَهُ العِلْمِيَّ وَتَفَانِيَهُ فِي العَالَمِ الأَكَادِيمِيِّ سَيَظَلَّانِ خَالِدَيْنِ مِنْ خِلَالِ مُؤَلَّفَاتِهِ وَأَفْكَارِهِ وَالأَجْيَالِ الَّتِي تَعَلَّمَتْ عَلَى يَدَيْهِ. كَمُؤَرِّخٍ وَمُعَلِّمٍ، نَقَشَ فِي العِلْمِ أَثَرًا لَا يُمْحَى، وَأَلْهَمَ الكَثِيرِينَ لِمُوَاصَلَةِ طَلَبِ العِلْمِ وَخِدْمَةِ البَشَرِيَّةِ. وَدَاعًا أَيُّهَا الأُسْتَاذُ الفَاضِل، فَإِنَّ عِلْمَكَ وَقُدْوَتَكَ سَيَبْقَيَانِ مَحْفُورَيْنِ فِي الذَّاكِرَةِ.
المؤلف: رحمت مبارك
لمترجم: فضيلة أيو